روسيا: تحول قضية أستراخان إلى سبب جديد للتظاهر

في السابع من مارس/آذار عام 2012، أنشأ شاب يدعى رومان سهار حساباً على موقع لايف جورنال بهدف نشر تجربته في مراقبة الانتخابات الوطنية لهذا العام. كان قد تمركز في كازان مركز الاقتراع رقم 208، شرح سهار ليلة الرابع من مارس/آذار، عندما خدم كمراقب عن حملة ميكالي بروكوروف ، سجل من خلال مبادرة أليكسي نافالني في موقع روسفيبوري (يعني حرفيا الانتخابات الروسية) . بدأت الأمسية بشكل بسيط: جماعة من المدرسين متوسطي العمر تبدوا عليهم ملامح اللطف يتناولون كعكا روسيا ويرتشون الشاي (يخدمون كطاقم في لجنة الإشراف على الانتخابات)، بينما قام مدرسون آخرون (يخدمون كمراقبين) بمراقبة سلبية، حيث كانوا يصححون أوراق امتحانات للطلبة بدل أن يراقبوا عملية التصويت “كان كل شيء يسير بالشكل المثالي،” كما أوضح سهار ، قبل أن يضيف:

بصفة عامة، لقد تحادثوا بلطف مع الناس. ولم يكن هذا مفاجئة، فان معظم أعضاء اللجان الانتخابية هم من كوادر المدارس المحلية، والأهالي (الناخبون) كانوا على معرفة جيدة معهم . كلهم جيران. ليتهم كانوا يعرفون فقط كيف سرق هؤلاء المعلمون أصواتهم بقسوة واستخفاف، لربما تحادثوا معهم بشكل مختلف قليلا.

تابع سهار في وصف ما فعله طاقم الجنة الانتخابية معه، وما حدث أيضا مع المراقبين الآخرين، حيث وبلا سابق إنذار انقلبوا عليه ما أن بدأت عملية فرز وعد الأصوات، حيث منع المراقبون من أخذ أماكن قريبة بما يكفي ليتمكنوا من رؤية الأوراق التي يتم عرضها للعد. نتيجة لمحاولته الاقتراب لمراقبة عملية عد الأصوات، اتهم بانه يحاول التزوير(وقد فشل أيضا في مراقبة العديد من الإجرائات المهمة المنصوص عليها في القانون الفديرالي). في نهاية المطاف، حاول سهار تقديم شكوى رسمية، لكن السلطات رفضتها بداعي خطأ مطبعي صغير .

[جميع الروابط بالروسية ما لم يذكر غير ذلك]

امرأة تدلي بصوتها في الانتخابات الرئاسية في شارع بيتسبيرج. رفع يوري غولدستاين الصورة،حقوق النشر محفوظة لديموتكس (04/03/12)

حفزت تدوينة سهار نقاشا كبيراً — حوالي500 تعليقاً و إعادة تغرية من موقع نفالني — لكن الخبر سرعان ما بهت لصالح ثورة نفقات الشتاء.

على بعد 900 ميل جنوب مدينة أسترخان، واجه أنصار المرشح للرئاسة البلدية أوليج شين نفس الزيف الانتخابي الذي طغى على تفكير رومان سهار. على خلاف ما حدث في كازان، على كل حال، فان قضية السيد شين لم تبهت– فعلاً، تكبر بسرعة على المستوى القومي، متحولة إلى أكبر قضية للتظاهر لمعارضي الكرملين، الذين قضوا الشهر الماضي في كفاح لإعادة اكتشاف وجهتهم. في السادس عشر من مارس/آذار، أعلن شين إضراباً عن الطعام للاحتجاج على المخالفات القانونية التي حرمته حسب زعمه من الفوز بمقعد رئاسة البلدية في انتخابات الرابع من مارس/آذار في أستراخان. اليوم، يدخل هذا الإضراب الأسبوع الرابع، مع تنامي إشاعات بأن حياة المشاركين فيه في خطر.

ما الذي ميز قضية شين بحيث حفَّز المعارضة الروسية لهذا الحد؟

يبدوا أنهم وجدوا نقطة قوية واحدة قبضت بإحكام على القانون الانتخابي، التي قام شين وشبكة كبيرة من المدونين المحليين بإظهارها في أرشيف يزداد حجمه بإستمرار على الإنترنت من الوثائق التي تثبت التزوير، استضيف على حسابات لايف جورنال الفردية. يحدد هذا الأرشيف أيضاً وبصعوبة عملية انتهاك القانون، ويركز بشكل رئيسي على القانون الفديرالي رقم67(اف زد 67) [الانجليزية]، الذي يحمي الحقوق الأساسية للمواطنين في الاستفتاءات العامة. نشر شين ومؤيدوه دراسات عن التصويت الفردي في مراكز الاقتراع ، تبرز كيف أن الإجراءات اللازمة المنصوص عليها في الفقرة 68 من القانون رقم 76 اف زد انتهكت بشكل دوري — إجراءات مثل مدخل ملائم للمرقبين وحقهم في فحص أوراق الاقتراع.

إذا تمكن شين من اثيات أن عدد المرقبين منعوا بشكل غير قانوني من أداء مهامهم كان بنسبة 25%من مراكز الاقتراع في أستراخان(51 من 203)، فان القانون سيلزم المحكمة أو اللجنة المركزية للانتخابات بإلغاء نتائج انتخابات الرابع من مارس/آذار وبإعلان انتخابات جديدة. يدعي شين أن أكثر من 120 مركز اقتراع حدثت بها عمليات تزوير، لكن — لإثبات ذلك — تحتاج حملته للقطات الفيديو التي سجلتها مجموعة كاميرات الويب الحكومية. بينما راجعت اللجنة المركزية للانتخابات مجموعة عشوائية من لقطات الأرشيف لكاميرات الويب في أستراخان أقرت بسبعة عشر حالة فردية للتزوير (مما ألغى نتائج التصويت في سبعة عشر مركزا للاقتراع منفصل)، رفضت السلطات منح فريق شين منفذا للاطلاع على الأرشيف الكامل للفيديو، مانعين عمليا أي توثيق حاسم لدعوى التزوير في 25% من المراكز (النسبة الضرورية لإعادة الانتخابات).

إضافة لكونه شخصياً مدون نشيط، استفاد شين من حملة رقمية للتوعية أطلقها العديد من مستخدمي موقع لايف جورنال في أستراخان، ويبرز من هؤلاء أليكساندر شيلدسيف وسيرجي كوزانوف والمستخدم “إسكومان.” قام هؤلاء بجمع البيانات من مراكز اقتراع، وأخذوا المعلومات من الإعلام وموقع يوتيوب ومن بعضهم البعض .جمع شيلدسيف لقطات الفيديو وأدلة موقعة من مراقبين ساهموا في عمليات التزوير في 23 مركزاً للاقتراع. والقائمة في ازدياد. أرشيف المستخدم ايسكومان هو الأكثر إبهاراً، حيث يشمل تقارير عن مراكز بعينها أعدت من كزانوف وآخرين، وتحليلات عن المخالفات والأنماط الانتخابية في أستراخان إضافةً لملفات تعريف شخصية لعناصر معينة من اللجنة الانتخابية وفهرس موسع من المعلومات عن إضراب شين عن الطعام. حتى أن جهد ايسكومان ثُمِّن من قبل ميشا جيسين في مقال [الإنجليزية] نشر في مدونة نيويورك تايمز في التاسع من أبريل/ نيسان.

تمكن مؤيدو شين أيضاً بنجاحٍ غير مسبوق في جذب اهتمام المدونين البارزين في روسيا. ولبرهة من الزمن، حظي شيلديسيف بانتباه فلاديسلاف نغانوف (واحد من المدونين المفضلين لنافالني ) بواسطة مقالة عن عملية الاقتراع في المركز رقم 426، حيث حصل منافس شين، ميكايل ستولاروف على رابع أعلى نسبة تصويت له. جلس المراقبون هنالك دون أن يتمكنوا من رؤية عملية التصويت هذا إضافة إلى العديد من المخالفات للفقرة 68 من القانون 76 اف زد. الكتابة عن المركز رقم 469 (حيث قام مسؤولون في اللجنة الانتخابية بتزوير عد الأصوات عبر تبديل المجاميع بين شين وستولاروف)، و مستخدمان آخران لموقع لايف جورنال، أليكساندر دارينوف و افجينيا زرينيش، ألهموا إعلان الغضب التالي من نغانوف :

إذا كانت رئيسة هذا المركز تعتقد أن بإمكانها التملص من عقوبة السجن البالغ مدتها أربع سنوات لانتهاكها الفقرة 142.1 من قانون العقوبات[تزوير نتائج الانتخابات]، عندها سنضمن الآتي: بنفس اللحظة التي تتغير فيها موازين القوى في هذا البلد، فسوف نسعى بكل طاقتنا لإسكانها السجن لنفس تلك المدة، دون أن تنقص يوماً. و لو توفي أوليج شين نتيجة إضرابه عن الطعام (والذي اضطر إلى القيام به جزئياً نتيجة للأعمال الإجرامية للرئيسة)، فستكون فترة سجنها أطول.

في الأيام القليلة الماضية، عادت قضية شين عودتها الأخيرة إلى عناوين الأخبار، عندما كتب مؤسس “المعونة العادلة” إليزفيتا جلينكا و الناشط في مكافحة المخدرات أفجيني رويزمن تعليقات على حسابيهما في موقع لايف جورنال تفيد بأن على الأرجح يوجد حالات وفاة وشيكة في إضراب الطعام في أستراخان. رغم بعض الارتباك الأولي (حيث بدا أن شين فند تشخيص جلينكا واصفاً إياه “بالهراء الكامل” في مقابلةٍ مع وكالة الراي نوفيستي)، عاد الثلاثة أصدقاء من جديد، بعد أن أصدر شين توضيحاً على مدونته الشخصية ، نفا فيه قيامه بانتقاد جلينكا. في تطور مهم في الأحداث، سيسافر أليكسي نافالني شخصياً إلى أستراخان للقاء شين في التاسع من أبريل/نيسان، كتب على مدونته :

أنا ذاهبٌ إلى أستراخان اليوم. أحثكم على القيام بالمثل. يتعلق الموضع بالتضامن المبدئي الذي نستطيع إظهاره هنا. وإلا، فما نفع ما كنا نقوله طوال الوقت ‘الفرد من أجل الكل والكل من أجل الفرد'?

صورة لمجموعة فيسبوك الداعمة لأوليج شين.

في هذه التدوينة، أضاف نافالني روابط لمستخدم الايف جورنال”كيش0705،” الذي نشر المواعيد والتكلفة وتذاكر القطارات المتوفرة للرحلة بين موسكو وأستراخان، في تاريخي التاسع والعاشر من أبريل/نيسان. روج نافالني أيضاً للمجموعات الاجتماعية على موقعي فيسبوك و فيكونتكت الداعية للرحيل إلى أستراخان لدعم ومساعدة أوليج شين. مجموعة فيسبوك (صحيح أن الموقع مخصص للأكثر نخبوية في روسيا) يمكن الانضمام لها فقط عبر الدعوة، وهي تضم حالياً العديد من نجوم الحركة الليبرالية الديمقراطية، ومن ضمنهم إليا ياشين وأوليج كاشين وإليا كليشين وإليا برابانوف وإليا أزار وأولج كوزولفسكي ايجينيا شيريكوفا تاتيانا فيليجيجاير.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.