رسام الكاريكاتير التونسي _Z_: ‘لم يتغير الوضع عما مضى’

هذا المقال جزء من تغطيتنا الخاصة بثورة تونس.

استخدم فنان الكاريكاتير السياسي التونسي ‘_Z_’ مدونته debatunisie.com للتعبير عن نفسه منذ عام 2007. لم تكن رسومه ترضي الدكتاتور السابق زين الدين بن علي أو حتى إسلاميي تونس الآن.

يقول _Z_ أن هناك خطان حمراوان فقط لا يتعداهما: العنصرية والتشهير. ويقول أن الدين لا يجب أن يكون تابوه، ولهذا قاب بعض مستخدمي الإنترنت بالتبليغ عن صفحته على فيسبوك بسبب رسوم كاريكاتير يعتبرها البعض مسيئة للإسلام. كتب _Z_ في 7 أغسطس / آب 2011:

En réponse à leurs protestations les robots de Zuckerberg m'interdisent durant 30 jours de publier sur mon profil(…)La guerre contre les “bonnes mœurs”, la morale religieuse, la bigoterie, doit être absolue. En ce qui me concerne, il est évident que je serai bientôt hors-la loi à partir du moment que la constituante validera la loi sur l'atteinte au sacré.

قامت روبوتات مارك زكربيرج بمنعي من النشر على صفحتي لمدة 30 يوم بناء على هذه التبليغات (…) إن الحرب على “الأخلاق الجيدة” والمبادئ الأخلاقية الدينية والتعصب الأعمى يجب أن تكون مطلقة. أتوقع أن أكون في نظر القانون مجرما بعد تمرير المجلس الوطني مشروع قانون يجرم الاعتداء على الإسلام.

قمت بعمل حوار مع _Z_ عبر البريد الإلكتروني حول رسومه وحول كونه مجهول وحول الدين وحرية التعبير في تونس.

.يقدم المسرح الوطني التونسي (للمرة الخامسة) الكوميديا الانتخابية." رسم كاريكاتير منشور في عام 2009 مناسبة الانتخابات التونسية الرئاسية والبرلمانية

.يقدم المسرح الوطني التونسي (للمرة الخامسة) الكوميديا الانتخابية.” رسم كاريكاتير منشور في عام 2009 مناسبة الانتخابات التونسية الرئاسية والبرلمانية

الأصوات العالمية: متى ولماذا قررت استخدام المدونات لنشر رسومك؟

_Z_: أنشأت مدونتي في 28 أغسطس / آب للعام 2007. ومن البداية كان من الواضح أن هدفي نظام بن علي. بدأت أولا الكتابة فقط، ثم جاءتني فكرة استصحاب صور مع كتاباتي. زاد هذا من تفرد مدونتي وجذب المزيد من القراء.

وبالرغم من شعار أن صورة أفضل من ألف كلمة يعتبر صحيح، فإن من المهم بالنسبة لي هو الكتابات لأن أهدافي بالأساس سياسية وفكرية، والكاريكاتير لا يضمن هذا وحده.

الأصوات العالمية: أنت معروف باسم _Z_. وبعد 19 شهر بعد سقوط نظام بن علي ما زلت تفضل عدم الكشف عن هويتك الحقيقية، لماذا؟

_Z_: أدت معارضتي لنظام بن علي لضرورة حذري الشديد من ناحيتي تجاه هويتي الحقيقية. فقد كان يجب عليّ حماية نفسي من أي محاولة للثأر أو الانتقام. وسقطت الدكتاتورية منذ 19 شهر، ولكت حتى الآن لا يوجد تحقيق واحد جاد حول الإجراءات الشُرَطِيّة على الإنترنت [أثناء حكم بن علي]. كانت آلة الرعب، والتي أسميناها عمار 404، والذي كان مستخدما لنشر الرعب على الإنترنت في تونس (عبر الحجب والاعتقالات والتهديدات)، من الممكن حتى الآن أن يستخدم ذلك في حالى إعادة تنشيط الرقيب الإلكتروني. ولهذا لم يختلف الوضع بالنسبي لي بالرغم من التغييرات الظاهرية، ولهذا أبقي على هويتي مجهولة.

الأصوات العالمية: لم يكن أحد يجرؤ على السخرية من بن علي ونظامه مثلما كنت تفعل، ولم ينجح النظام السابق في الكشف عن هويتك. كيف استطعت المحافظة على مجهوليتك؟ هل هناك أي نصائح تريد مشاركتها مع نشطاء المعارضين على الإنترنت لإخفاء هوياتهم؟

_Z_: يجب أن يفصل المعارضون حياتهم الشخصية عن حياتهم كمعارضين أو نشطاء، لحماية أنفسهم. ويكون ذلك عبر استخدام عناوين بريدية إلكترونية مختلفة، واستخدام البروكسي. والأكثر أهمية من ذلك، الحفاظ على أقصى مدى من الحذر وعدم الكلام عما تريد إخفائه حتى لأقرب المقربين منك. وعادة ما كان عدم الحذر سببا لاعتقال المعارضين على الإنترنت، وكان هذا السبب في قضية زهير اليحياوي [أول تونسي يعتقل معارضته على الإنترنت ويحاكم ويسجن لذلك].

الأصوات العالمية: من وجهة نظرك لا يوجد خطوط حمراء. ومع صعود الإسلاميين للحكم لم تبدأ انتقادهم فقط، ولكنك قمت برسم بعض الرموز الدينية الإسلامية (الذات الإلهية والأنبياء، إلخ). استفز هذا الإسلاميون الذي أبلغوا عن صفحتك على فيسبوك Debatunisie. هل يساعد الاستفزاز على كسر التابوهات؟

_Z_: أعتبر فقط التشهير والعنصرية كخطوط حمراء. أما عن غير ذلك، فلا يوجد أي سبب للحجب. حتى بالرغم من معرفتي أني أجرح شعور البعض، ولكني أرى أنه يجب رفع قيمة الحرية لتعلو القداسة الدينية (حتى وإن كان دين الأغلبية)، بحسب القول الشهير:  “اختلافي معك في الرأي، لا يمنع أن أقاتل من أجل حقك المقدس في التعبير عن رأيك”.

لا أرى الديموقراطية أنها حكم الأغلبية (لأن ذلك يؤدي إلى دكتاتورية الأغلبية)، ولكن ذلك يعني أن يقدر أي فرد على التعبير بحرية وبشكل عام عن أي فكرة سواء تخص الأقلية أو مزعجبة للأغلبية، طالما كانت الفكرة ليس لها علاقة بالتشهير أو العنصرية.

أرى ذلك ضمن حرية المعتقد (الفصل الخامس في الدستور) مما يجعل المقدس شيء نسبي. وبالتالي فإن الكفر يوجد داخل نظام ديني معين، ولكن ليس في نظام يحترم حرية المعتقد. بالرغم من بقاء الفصل الخامس حتى الآن، فإن تطبيقه يواجه بالتجاهل. فمثلاً كان هناك إجراءات قانونية ضد قناة نسمة لبثها فيلم رسوم متحركة يجسد الذات الإلهية. وحبسوا مستخدم للإنترنت لسبعة أعوام ونصف لنشر رسوم كاريكاتير مسيئة. وبالتالي فمن الواضح أن أثناء التطبيق، بالدين يعتبر تاروه يعلو على حرية المعتقد، وبالتالي كل الحريات.

تكتب امرأة "حرية كرامة عدالة" على الأرض ولكن تسورها الشهادة على شطل حوائط إسمنتية. حيث ينتقد _Z_ المسودة النهائية للدستور حيث يرى أنها مهوسة بالهوية.

تكتب امرأة “حرية كرامة عدالة” على الأرض ولكن تسورها الشهادة على شطل حوائط إسمنتية. حيث ينتقد _Z_ المسودة النهائية للدستور حيث يرى أنها مهوسة بالهوية.

الأصوات العالمية: اقترحت حركة النهضة في تونس مؤخرا قانونا ضد الكفر. هل لديك مخاوف، في حال تمرير المجلس الوطني التأسيسي لذلك القانون، أن تحجب رسومك؟

_Z_: بعد مولد الثورة باسم الحرية، لا نستطيع طبعا رسم خريطة لحرياتنا بعوامل التابوهات والمحرمات الدينية. يعتبر هذا مثل بناء النوافذ قبل تصميم الحديقة. وهذا ما يفعله الإسلاميون، ولهذا فأنا ضد سياساتهم. وسأستمر في استفزازهم حتى وإن تسبب ذلك في مضايقة الكثير، حتى لو تم اعتباري مجرما في نظر القانون لأنه من الوارد فعلا تمرير هذا القانون.

الأصوات العالمية: أتاح سقوط نظام بن علي الفرصة لظهور رسامي كاريكاتير موهوبين. ما رأيك في هذه المواهب الجديدة.

_Z_: هذه ظاهرة واضحة وجيدة. ولكن ما زال العديد يحسدونني على مجهوليتي. وهذا ليس شيء جيد لأنه يظهر عودة الخوف الحجب. ولكن بالرغم من ذلك كله فنحن نعيش جو من الحرية لا يقارن بما كنت نرزح تحته أيام نظام بن علي.

هذا المقال جزء من تغطيتنا الخاصة بثورة تونس.

1 تعليق

شارك النقاش

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.