فلسطين: أهل غزّة “محاصرين، مصدومين، مرهبين”

الجيش الاسرائيلي يستمر في عمليته البرية وقد دخل عميقاً في قطاع غزّة، والقصف الجوي، والبحري، والبري ما زال مستمراً، إليكم بعض المقتطفات من نشرات تأتي من غزّة خلال الثالث من كانون الثاني [يناير].

الأستاذ سعيد عبد الواحد، الذي يعطي دروس في اللغة الانكليزية في جامعة الأزهر، يكتب في مدوّنة لحظات في غزّة:

حسين العيدي، فلسطيني (58 سنة) يعيش في شرق مدينة غزّة، وفي نفس المكان ما يزيد عن 25 سنة. منزله يقع وسط أحراش خضراء.

موظف في الأنروا. والآن هو في غرفة واحدة مع 20 فرد آخر من عائلته وعائلات أخوته، جميعهم متزاحمين في غرفة واحدة صغيرة، بدون كهرباء، بدون ماء، بدون طعام أو هاتف! لا شيء حوله سوى صدى المعارك.

الليلة الماضية وفي العاشرة والنصف مساء، احتجز السيد العيدي في وسط المعركة وقد سقطت قذيفة في منزله وجرحت خمسة من أفراد عائلته! وقد سعى للحصول على سيارة اسعاف لاخلاء الجرحى لكن دون جدوى، جميع محاولاته للحصول على سيارة اسعاف باءت بالفشل حتى الآن سواء لاخلاء الجرحى أو إذا كان ممكن جميع أفراد عائلته.

ضمن دائرة تزيد عن كيلومتر ونصف، الجيش الاسرائيلي يسيطر على الموقع تماماً، لذلك لا أحد يستطيع الوصول إليه سوى الاسرائيليين! هذه الحالة تتطلب تحرك انساني عاجل من قبل منظمات حقوق الانسان من أيّ مكان! لا كهرباء، لا ماء وقليل من الغذاء في غزّة. ما زلت أستخدم الموّلد الكهربائي ما استطعت للاتصال مع العالم. القنابل تسقط كالمطر علينا، لسوء الحظ سيد العيدي في قلب المعركة!.

الدكتورة منى الفرّا، حالياً من خارج غزّة، وقد نشرت رسالة من محمد فارس المجدلاوي من جبالايا، شمال مدينة غزّة:

أودّ أن أكتب عن معاناة شعبي وعائلتي في هذه الأيام. في منزلي لا نستطيع الحصول على الحاجات الأساسية، كالطعام أو الخبز أو الغاز. البارحة، ذهب والدي إلى المخبز في الساعة الخامسة صباحاً، وانتظر خمس ساعات حتى يتمكن من الحصول على ربطة من الخبز.

هذه الكمية لا تكفي لعائلتي المؤلفة من 11 فرد. وذهبت اليوم إلى جميع المخابز، ولم أتمكن من ايجاد رغيف خبز واحد بسبب اغلاق المخابز. لا نستطيع الاتصال مع أحبائنا أو الاطمئنان عليهم بسبب انقطاع الشبكة، كلّ ساعة لدينا شهيد، أو حتى أكثر من ذلك بسبب القذائف التي تنزل على منازلنا ومساجدنا وحتى مستشفياتنا كالمطر. لا يوجد مكان آمن نلجأ إليه.

الناشطة الكندية، ايفا بارتليت، تدوّن في مدوّنة في غزّة:

من غرفة الأخبار وسط غزّة، لا أستطيع تصديق صوت القصف، على الرغم من أنهم يستهدفون المنطقة التي جئت منها للتو كما فعلوا ذلك خلال الليل. من هنا تبدو وكأنها….كأنها مطرقة ثقيلة تضرب بقوّة هذه الأرض، وتحولها إلى أجزاء. ومن خلال ما شاهدته الليلة الماضية، والحطام اليوم، فعلاً وكأنها مطرقة تضرب كل شيء.

أصوات انفجارات، في كل مكان، وكلما علا الصوت كلما اهتز هذا المبنى وكأنه ضرب بمطرقة هو الآخر، على الرغم من أن ذلك هو فقط أثر موجة الصدمة الناتجة عن الانفجار البعيد بضعة كيلومترات. تخيل كيف سيكون الوضع لو كنت بعيد بضعة مئات من الأمتار من هذه الانفجارات.

[…]

ما يصعقني أكثر الآن، أكثر من الأشلاء أو الجثث المحروقة التي شاهدتها خلال الليلتين الماضيتين، وأكثر من كثافة الصواريخ التي تضرب كل شيء من حولنا خلال الليلة الماضية، والشعور بأنه في أي لحظة ستدخل القوات الاسرائيلية الخاصة وهي تطلق النار…ما يصعقني هو الهلع البادي على وجوه المواطنين، شعور الرعب، الرعب في محاولة التلويح لسيارة الاسعاف لنقل الجرحى والقتلى، الرعب حتى لدى سائقي سيارات الاسعاف والفريق الطبي، لقد شاهدوا الكثير من الرعب، على الرغم من أنّ بعضهم يقوم بهذا العمل أكثر لعقود من الزمن، لكن ما شاهدوه هذه المرة يفوق كل شيء، يفوق كل شيء يمكن تخيله.

[…]

أسامة وهو من فريق الاسعاف EMT، اتصل ليعرف أين أنا، حيث عملنا معاً خلال الليلتين الماضيتين. اعتقدت أنني لن أكون هناك خلال الليلة الماضية، كنت أودّ الكتابة بدلاً من ذلك، لكنّ الحالة الطارئة فرضت نفسها وذهبنا. سألني أسامة أين أنا، وقد أجبته بأنني أكتب، أحتاج لأن أخبر الناس، عليهم أن يسمعوا ويشاهدوا ذلك. فقط لو تستطيعوا سماع الصوت، أو شمّ الرائحة، أن تشعروا بالاهتزازات، أو تتذوقوا طعم الرعب.

وفي نشرة أخرى، تقول:

لقد جاءني اتصال منذ نصف ساعة مضت، على خط هاتفي رديء، يقول بأنّ عرفات قد توفي، قتل بينما يعمل بنيران اسرائيلية، لقد كان أحد المسعفين الذين التقيت بهم خلال الليلتين الماضييتين، شعرت بالتعاطف الشديد بدون أي تصنع أو تنكر، أشعر بالحزن على موته أكثر مما أستطيع التعبير عنه.

سامح حبيب، يدوّن في مدونة قطاع غزّة-القصة الكاملة ويقول:

لقد تم استدعاء طلاب الطب من قبل المشافي المحلية للمساعدة في معالجة العدد الكبير والمتزايد باضطراد من الضحايا، ورداً على ادعاء الاسرائيليين بأن أهدافهم الأساسية هي مسلحي حماس، فإن أغلب الضحايا هم من المدنيين وهذا واضح جداً في مشافي غزّة. تقريباً عشرة مسلحين [كانوا] قد قتلوا اليوم والبقية جميعهم من الناس العاديين ليس لهم أي علاقة لا بالصواريخ ولا بالمسلحين.

يمكنك متابعة سامح حبيب على تويتر: twitter.com/Sameh_Habeeb

ليلى الحدّاد، التي تقيم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، وتدوّن في مدوّنة مع يوسف ونور [Raising Yousuf and Noor] تكتب تدوينة بعنوان “محاصرين، مصدومين، مرهبين“:

خلال الليلة الماضية ظهرت مع والدي وبشكل متزامن على شبكة سي ان ان المحلية والعالمية. لقد تكلم والدي بهدوء وعلى نحو بليغ، في غزّة المحاصرة المعتمة، لم يكن سوى ضوء القنابل يلمع في عالمه. وقد أخبرني بأنّ يديه كانتا ترتجفان، وبينما يجلسون على البلاط في منزلهم، وقد أزاحوا الأسرّة بعيداً عن النوافذ، يدوي انفجار يشقّ السماء المظلمة من حولهم، ويضيئها بغيوم من النيران الضخمة.

[…]

والدي في الليلة الماضية حاول ايصال رسالة واحدة: نستمر بسماع أنّ اسرائيل تسعى ضد حماس، لكننا نحن الأهداف هنا، المدنيون هم الأهداف، ليس حماس.

عائلة من اللاجئين سحقت بكاملها هذا الصباح بينما كانوا يحتمون في منزلهم من النيران الاسرائيلية. موتهم لن يجعل إسرائيل أكثر حيطة في استهدافها، ولن يوقف الصواريخ.

ثلاثة مسعفين قتلوا أيضاً بينما يحاولون انقاذ الفلسطينيين في شمالي غزّة. والآن وكالة AP صرّحت بأن شبكة الهاتف في غزّة على حافة الانهيار. لا أدرك كم من الوقت سأتمكن من التواصل مع والديّ.

فيليب رزق المصري-الألماني، والذي يدوّن في تبولة غزّة، نشر رسالة نصيّة وصلته من الصديق س في غزّة:

لقد قررت أن ألازم منزلي حتى ولو كلفني ذلك حياتي. جميع الناس قررت ذلك، لن ننزح من جديد

فيتوري-أريغوني وهو ناشط ايطالي يدوّن في راديو-غوريلا:

ليفني صرّحت للعالم بأنه لا يوجد أزمة انسانية في غزّة، من الواضح بأنّ الانكار أصبح موضة ليس فقط في بلاد أحمدي نجاد.

الفلسطينيين متفقون مع ليفني على شيء واحد، القاتل المتسلسل يفي بعمله للموساد (كما أخبرني جوزيف، وهو سائق سيارة اسعاف): في الحقيقة المزيد من الغذاء يتدفق إلى داخل قطاع غزّة، وذلك ببساطة لأنه في كانون الأول [ديسمبر] لم يدخل شيء تقريباً إلى القطاع عبر ذلك السلك الشائك الاسرائيلي.

لكن واقعياً، ما نفع الخبز الطازج في المقبرة؟ الحاجة الملحة الآن هي وقف اطلاق النار، حتى قبل تموين الغذاء.

الجثث لا تأكل، انها فقط تخصب التربة، وعلى ما يبدو أن غزة لم تحصل على تربة خصبة كما حصلت عليها من الجثث المتحللة.

لا بدّ أن تغذي أشلاء الأطفال المتناثرة في المشارح احساس الذنب لدى أولائك الحياديين، لدى أولائك الذين كانوا من الممكن أن يفعلوا شيئاً.

صور أوباما المبتسم وهو يلعب الغولف انتشرت على قنوات التلفزة العربية جميعها، لكن هنا لا أحد يتوهم بأن لون البشرة سيكون قادراً على تغيير سياسية الولايات المتحدة الخارجية بشكل كبير.

6 تعليقات

شارك النقاش

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.