كتاب عمره 68 عامًا يُشعِل جدالاً عرقيًا في كوستاريكا.

لافتة ترويجية للحفل الموسيقي المستوحى من كتاب “كوكوري” . أطلقَ هذا الاستيحاء موجة جديدة من الجدال حول العنصرية في كوستاريكا. الصورة مأخوذة من صفحة الأوركسترا الوطنية في كوستاريكا على الفيسبوك.

كيف يتسبّب كتاب قصص قصيرة للأطفال، كُتب أواخر الأربعينيات من القرن الماضي بركانًا من الجدال لدرجة تقسيم كوستاريكا في يومنا الحالي؟

تدور قصة كتاب “كوكوري” حول مجموعة من المغامرات لطفلٍ أسود في مجتمع الكاريبي شبه المعزول. فاز الكتاب في وقته بعدة جوائز عالميّة ولربما يكون من أوفر كتبِ كوستاريكا حظًا بالترجمة عبر التاريخ، بقي لسنواتٍ عديدة  في المدارس الابتدائية كمادة قراءة إلزامية، لكنه ما عاد كذلك في استجابة لضغط أحزاب اجتماعية مختلفة، ويتوفر الكتاب اليوم للقراءة الاختيارية فقط.

يروي الكتاب كيف يعيش الفتى الأسود كوكوري مع والدته في الميناء، يلتقي في يوم من الأيّام بفتاة شقراء بعد وصول إحدى السفن إلى الشاطئ. يتفاجأ كلٌّ منهما، فالفتى يستغرب لون شعرها الأشقر وتظنّ الفتاة بأنه ليس إلاّ قردًا. تفكر لاحقًآ، إثرَ تعارفهما الغريب بأن جلدَ الفتى قد تلوّثَ من السخام إذ أنها لم تلتقِ بطفلٍ أسودٍ من قبل. يَعِدُ كوكوري الفتاة بعد أن قايضها ببعض القواقع مقابل وردة وبأنه سيحضر إليها سعدانًا سنجابيًا صغيرًا. يتدبر كوكوري أمر السعدان ويعود إلى الشاطئ ليجد السفينة قد غادرتْ. يكبر حزنه عندما يكتشف أنّ الوردة ذبلتْ ووقعتْ كل بتلاتها على الأرض.

يقرر بعد ذلك أن يجولَ البلدان في محاولة للبحث عن إجابة على سؤاله: لماذا تعيش بعض الأشياء سنواتٍ طويلة بينما تموت بعض الأشياء الأخرى بسرعة؟

انطلفت شرارة الجدال الحالي إثر حفلة الأوركسترا الوطنية التابعة لوزارة الثقافة والشباب التي قدّمها الطلبة على المسرح الوطني.

وقفَ الكثير من مستخدمي الإنترنت ضد ممارسة الرّقابة على العمل الروائي مذكّرين بأن الشكل الحالي للعمل الروائي يُمثِل شكلًا من أشكال حرية التعبير.

لا لممارسة الرقابة على كتاب كوكوري. لنا الحق في الاستماع إلى العمل الموسيقي.

بما يخصُ ممارسة الرقابة على كوكوي: “الفن المعدّل سياسيًا ليسَ موجودًا”. كارلوس روبيو، كاتب ومختص في  أدب الأطفال.

في زمن الكتب وحقوق النشر، نشهد على رقابة (إخراس).

اندلع جدال أكبر حول العنصرية في كوستاريكا  بعيدًا عن الاستيحاء الموسيقي والنّقاشات الدّائرة حول الكتاب. ركزتْ النقاشات في المدونات مثل مدونة دييغو ديلفينو على تجربة البلاد الخاصة مع العنصرية:

¿Es o no racista Costa Rica? Definitivamente. Como entender sino que a los costarricenses les incomode tantísimo el solo sugerir que un libro pueda leerse diferente desde otros ojos y que tal vez sería oportuno escuchar a quienes lo aprecian de esa manera. Prefieren enfadarse, radicalizar la discusión y desacreditar por completo a quienes ya de por sí han sido históricamente marginados antes que entender que en toda aquella pluralidad de voces y opiniones abundan puntos de vista igualmente valiosos e interesantes, que en nada nos perjudicaría cuando menos, tomar en cuenta.

عنصرية أو لا عنصرية في كوستاريكا؟. بالتأكيد، كيف يمكن إدراك أن أهالي كوستاريكا غير مرتاحين مع الاقتراح البسيط بأن كتابًا يمكن أن يُقرأ بشكل مختلف من قِبَل عقليات مختلفة وبأنه يمكن أن يكون مؤاتٍ للاستماع لهوؤلاء الذين يفكرون بالكتاب بهذا الشكل. إنهم يُفضّلون أن يغضبوا، ويشدّوا الحوار إلى مرحلة التطرف بحيث يظلمون من لم ينصفهم التاريخ مسبقًا بشكل كامل، دون أن يفهموا بأن هناك وفرة من الأصوات والآراء المتعددة وبأن فيها نقاط متساوية في أهّميتها ولا يضر أبدًا أن تُأخذ هذه التعددية في الحسبان.

رد هارولد روبينسون دافيس على فيسبوك بحق هؤولاء الذين يتهمون الرقابة على كتاب كوكوري بأنها ترمي بظلال الرّقابة على تراث كوستاريكا:

Hay algunos que quisieran desviar el foco de la discusión, esgrimiendo argumentos espúreos de defensa de la “libre expresión” o combate a la “censura”. Esta falacia cae por su propio peso […] Quien quiera educarse o educar a sus hijos con los “valores” que este libro transmite, está libre de hacerlo en su propia casa. (Le advierto sin embargo que es una receta para el desastre: en este mundo globalizado, la diversidad y la tolerancia son cada día más valores imprescindibles para el éxito….o para la simple convivencia.

هناك من  يريد تشتيت النقاش ببناء حجج غير شرعية بالدفاع عن حرّية التّعبير أو مكافحة الرقابة. ولكنّ هذه الحجج تتهدم تبعًا لسوء صنعتها، يجب على الذين يريدون ان يُعلّموا أطفالهم القيّم التي يعكسها الكتاب أن يفعلوا ذلك في البيت، (أحذِرُ من أن هذه الصفة ستقود لكارثة: مع مرور كل يوم، الاختلاف والتسامح هي قيّم أساسية للنجاح في هذا العالم المعولم… أو ببساطة طريقة للتعايش.)

شارك وينستون واشنطون على الفيسبوك تجربته الشخصية :

A mis treinta y un años entiendo y perdono con algo de pena, a quienes me hicieron la vida de cuadritos con el bendito Cocorí. No somos Cocorí, ningún negro en Costa Rica es Cocorí, no nos gusta Cocorí, nos cae mal, bastante mal, [no] nos representa. Desde la caricatura es insoportable, con sus ojos ignorantes y su bemba colorada, al mejor estilo del vodevil de finales del SXIX y principios del SXX, con los “blancos” con la cara pintada de negro, haciendo parodia de las costumbres del afrodescendiente”. 

 أدرك وأسامح آسفًا، وأنا بعمر الواحد والثلاثين، هؤولاء الذين جعلوا من حياتي جحيما بمقارنتي بكوكوري المبارك. لسنا كوكوري ولا يوجد بين سود كوستاريكا كوكوري واحد، ولسنا بمحبين لكوكوري حيث يترك انطباعًا سيئًا عنّا بشكل كبير ولايُمثلنا. الرسم لا يُحتمل بعيونه الجاهلة وشفته الحمراء، كأنّه من تلك المسرحيات الساخرة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حيث يرتدي البيض وجها أسودًا ساخرين من السحنة الإفريقية.

الخلافات والهجمات ضد برلمانيين

طلبت لجنة حقوق الإنسان التّابعة للجمعية التشريعيّة من وزيرة الثقافة إليزابيث فونسيكا ألا تدعم هذه الحفلات لأنها تحتوي على دلالات عنصرية وتروّجُ لصور نمطيّة حول الأفارقة.

رحّبت وزيرة الثقافة بهذه المبادرة وبهذا أصبح الجّدال أكثر عدوانية وبالتحديد ضد اثنتين أعضاء البرلمان: رئيسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية التشريعية إبسي كامبل ومويرين كلارك من حزب التحرير الوطني، وكلاهما من أصول أفريقية.

احتشدت مجموعات مختلفة في محاولة للدفاع عن الكتاب على فيسبوك، منتقدين حافز الممثلتين القائم على أساس عنصري. تصعّد الانتقاد إلى درجة مؤذية واضطرت كامبل إلى إغلاق حسابها الرسمي، حتى أن مناصريها قدموا التماسًا يدعوا إلى حراسة حكومية بعد بعض التهديدات الجسدية.

هجوم

لوحة ساخرة نشُرت على الإنترنت بهدف إنتقاد المشرّعين الذين طلبوا ألا يُمّول العمل المستوحى من كوكوري

لا أحد يعرف لغاية الآن كيف سينتهي هذا الجّدال، وتمتد المناضرة متعديةً الكتاب وحكايته لتؤلبَ هؤولاء الذين يرون القصة جزءًا من تراث كوستاريكا وهويتها ضد الذّين يرون الكتاب مهينا لأصحاب الأصول الإفريقية.

يأمل العديد من المتعاطفين مع أفارقة كوستاريكا أن تنتهي خلافات الوقت الحالي بقانون جديد يُدين التّفرقة العنصرية بكل أشكالها للوصول إلى الصورة التي تطمح لها البلاد التي حاولت جاهدةً في سبيلها : مجتمع يحترم يفتخر بالتنوع.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.